الشاعر آرون باري من فانكوفر: حقيقة التظاهر بالوعي الزائف

في صخب المشهد الأدبي المعاصر، حيث تتلاطم تيارات فكرية وتتعدد الأساليب، قد يضلّ بعض المبدعين طريق الأصالة، فيسلكون دروبًا ظاهرها الإبداع وباطنها محاكاة الرواج. وفي هذا السياق، برز اسم الشاعر الكندي آرون باري من مدينة فانكوفر، لا لروعة شعره، بل لاتهامات وُجهت إليه بـ "تزييف الوعي" في أعماله الأدبية. قضية باري، التي هزت الأوساط الأدبية وأثارت عاصفة من الجدل، تضعنا وجهًا لوجه أمام تساؤلات عميقة حول جوهر الفن وصدق التعبير.

لطالما كان الأدب مرآة تعكس هموم المجتمع وقضاياه، ومن الطبيعي أن يتناول الأدباء مواضيع العدالة الاجتماعية والمساواة. لكن عندما يتحول هذا التناول إلى قناع زائف، أو وسيلة لتحقيق الشهرة والقبول دون إيمان حقيقي بالمبادئ التي يتم التغني بها، فإن الفن يفقد روحه. وحالة باري، التي أوردتها صحيفة "ديلي ميل"، تُعد خير مثال على هذه المعضلة.

يُشاع أن باري سعى إلى تبني خطاب "الوعي" (woke) الذي يحظى بشعبية في الأوساط الثقافية الغربية، والذي يركز على قضايا الظلم الاجتماعي والتمييز. لكن نقادًا وزملاء له لاحظوا تناقضات بين أعماله وسلوكه، مما أثار الشكوك حول صدق التزامه بهذه المبادئ. فهل كانت تلك مجرد استراتيجية ذكية للتكيف مع المناخ الثقافي السائد، أم محاولة للركوب على موجة الرواج؟

لم تكن حادثة باري الأولى من نوعها، فالتاريخ الأدبي والفني حافل بقصص فنانين حاولوا التماهي مع تيارات فكرية لتحقيق مكاسب شخصية. لكن ما يميز قضية باري هو أنها وقعت في زمن تزداد فيه الحساسية تجاه قضايا الأصالة، ويصبح فيه الجمهور والنقاد أكثر يقظة لأي محاولة لاستغلال القضايا الحساسة.

إن الدرس الذي نستخلصه من قضية آرون باري يتجاوز شخص الشاعر نفسه، فهو دعوة لإعادة التفكير في دور الأدب كقوة للتغيير الاجتماعي، وفي مسؤولية الفنان تجاه الحقيقة. فالفن الحقيقي لا يُولد من تقليد الخطابات الرائجة، بل ينبع من تجربة إنسانية صادقة ورؤية عميقة.